نفحات من سيرة الحبيب
بسم الله الرحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين , البر الكريم , الرؤوف الرحيم , القائل في القرآن العظيم :
"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا "
والصلاة والسلام على رسوله الكريم , حبيب رب العالمين , سيدنا محمد الهادي إلى صراط مستقيم والداعي إلى دين قويم القائل فيما ورد في الصحيح :
" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟. قال :
" من أطاعني دخل الجنة , ومن عصاني فقد أبى ".
وعلى سائر النبيين وآل كلٍّ وسائر الصالحين ؛ أمّا بعد :
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قسِّمت دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى قسمين :
أحدهما : سريّ . والآخر : جهري.
واستمرت السرِّية منها : ثلاثة سنوات , والجهرية : عشرون سنة.
فبعد أن أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالجهر بالدعوة , صعد جبل الصفا , وجعل ينادي : يا بني فهر , يا بني عدي , حتى اجتمعوا إليه وجعل الذي لم يستطع أن يخرج , يرسل رسولا لينظر ما الخبر ؛ فقال :
" أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ ؟"
قالوا : ما جربنا عليك كذبا.قال : " فاني نذبر لكم بين يديّ عذاب شديد . والله الذي لا اله غيره ؛ لتموتنّ كما تنامون ولتبعثنّ كما تستيقظون , و والله إنها لجنة أبدا , أو لنار أبدا"
ولقد كانت المعتقدات الشركيّة هي السائدة من إشراك مع الله تعالى آلهة تصنع من الحجر ومنها من الشجر وأخرى من التمر ! ؛ فردوا عليه بالإدبار والتنكر.
قال تعالى :
((وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما انزل الله والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه ءاباءنا أولو كان ءاباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ))؟!
هي إشارة واحدة ونسمة كافية نتطرق لها :
هي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان وحده , يدعو إلى ربه سرِّا –لا يخاف أحدا إنما أخذا بالأسباب- وكان يسود الجزيرة العربية آنذاك عرف عام يعتبر مقدسا وهو عبادة الأصنام , وكان أكثر أهلها يعبدونها بإصرار وتعّنت ٍ , ولكنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يلتفت إلى كثرة عددهم ولا إلى عقولهم المتحجرة ولم ينظر إلى صمِّهم
وعميهم وبكمهم....إذن : كيف تجرّأ وهو وحيد أن يعلن تسفيه الأصنام وذم الشرك...؟
انه كان مستندا على حق , والحق يسنده الحق , وكفى بالحق أن يحق إذا تبناه الحق تبارك وتعالى , كان يوقن أن الله سينصره , وسيحميه , وما المانع حتى لا يجهر بالدعوة...؟ كيف وهو مقتنع تماما أنها عقيدة صحيحة قويمة ذات فكر مستقيم تدعو إلى المحبة بل إلى جنان الخلد, ولا بد هنا من إسقاط على الواقع :
كم نرى – يا أحباب النبي – من الناس الذين يستحون إن صلوا ويخجلون إن تصدقوا ويتحرجون من اللحى حتى لا يقال : فلان شيخ..!
نخجل إن صلينا..نخجل أن نأمر بالمعروف أو ننهى عن المنكر..
" أتخشون الناس والله أحق أن تخشوه"؟!
وما بالنا لا نصبر ونصمد أمام جيوش المتفلتين..فإذا خرجنا من التقوقع ونصحنا ووجدنا ردا سلبيا..نكصنا بل وهممنا أن لا ننصح أبد..وبعضنا يحتج ويقوا : " عليكم أنفسكم"...شتان شتان..! حيث فهمناها بما لا يدل عليه سياقها...
بالله أيها الأحبة هل عمركم سمعتم أن راقصة – واعذروني لهذا المثال – بثيابها التي تظهر عورتها وتحمل فكرا ومنهجا وعملا تجاهر به وتتحدى ربها خجلت مما تفعل...؟! بالتأكيد لا ؛ رغم أنها على باطل وضلال وعصيان هدانا الله جميعا.
اسأل الله تعالى أن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يصلح به أخرها كما أصلح به أولها اللهم آمين.
والله تعالى اعلم واحكم وصلى الله على رسول الله والحمد لله ربِّ العالمين