ورقة من حيآة أنثى !
كنت أرتدي فستآناً ارجوآنياً مطّرز الأطرآف , ذو فتحة سآقٍ طويلة , اخترته بعنآية لـ سهرة الليلة
في داخلي حديثُ كثير يفتقد الترتيب وامامي ساعةُ حآئطٍ تدور ببطئ شديد وموعدٌ لم يحن بعد
صوت رنين الهآتف يتسلل اليّ لـ يقطع صمتي ويبدد سكون ذلك اللي يمكثُ في غرفتي بأمآن !
اتى صوتهآ اليّ مُحملاً بنبرة غريبة لم يستوعبهآ عقلي , كأن صوتهآ يغرق في نهرِ من الدمع ويسحبني معه !
كانت كلمآتها كافية لأن تنقلني الى العآلم اللاوآعي !!
فتحت عينآي ببطئ شديد , بدى لي ان العآلم من حولي يكتسي بالبيآض واغمضتهما على حين غفلة مني
عُذدت لأفتحهما لأجد نساءاً متلفعات بالسواد , يحوم حول عيونهن الدمع ,
كآنت هنآك واحده لا تبكي ربمآ انها انتهت من فعل ذلك , فأنفها لازال مشرباً بحُمرة ..حمرة ألم !
ولما هم كذلك ؟! ذلك السؤال الذي طرق في رأسي وقتهآ , وليتني لم أسأله ؟
الحقيقة كآفية لـ تنتزع نصف عمري مني وتُلقيه بعيداً بعيداً..
لم احتآج الى حضن أمي يوماُ اكثر من هذاالوقت ,
وحضرت أمي
اخذت تحتضني بقوة .. وتقول : اصبري .. اصبري !
فتحت عينآي بقوة – ولم اكتشف انني كنت قد اغمضتهما الى اللاوعي مرة اخرى –لأكتشف حقيقةً اخرى أكثر مرآآرة , اخذت امسح بعينآي المكآن يميناً وشمالاَ اسفل مني و أعلى .. أعلى نعم أمي هنآك في الأعلى , اهدتني غيآبها في اليوم الخآمس من زفآفي وقد حملتني بوصايا خمس , أربعة أخوة و أبٌ وآفي !
احتآجك كثيراً يا أمي !
رحل عندكِ يآ أمي وتركني هاهنا
رحل قبل ان يطفئ معي شمعة عامنا الثالث
ولم يقبل صغيرنآ ذو العام الوحيد . قُبلة ما قبل النوم !
كرهته بعد رحيلكِ كرهاً عظيماً لم اُكنّه لأحد قبله قط !
رميته بأن الحظ السئ الذي عكر صفو حيآتي وحرمني اياكِ
الى ان اشرقت شمسي منذ عام واحد فقط , وقررت ان اعيش حياتي مثلكِ
اتنفس الأمل ليل نهآر ..
عشت بضع شهور هآنئة ثُمّ رُددت الى أرذل الألم !
****
لا أعلم كم من السآعات تمضي وانا اتنقل بين ردهآت الماضي
كل ما احسست به اليوم هي حرآره تتغلغل الى جبيني ومعها بضع قطرات
فتحت عينآي على مهل , لم اجد سوى ظل ابي وقد ترك الباب خلفه موارباً
ومضى يقاسي الدمع وحده !
حالتي اصبحت لا تختلف كثيراً عنه , وربما لأنه جرّب ذلك لم يطق ان اعيش كـ الغمامة التي احاطت به ولا زالت !
غمامة الفقد .. فقد أمي !
لم تمضي بضع دقآئق حتى اقبل أخي ذو الأعوآم التسعة أو ابني ان صح التعبير
,امسك بيدي وهمس باكياً : ارجوكِ لا تموتي !
ابن الجيرآن يقول ان اختك ماتت , ولـ ربمآ لن ترآها غداً !
سـ تبقى وحيداً ,
لن تجدّها تطُل من النآفذه لترآك وانت تلعب !
لن تفوز .. ولن تفرح !
هل حقاً ستذهبين مع امي بعييداً
وانفجر باكياً ومضى مثلمآ حضر ..
وانفجرت انا الأخرى وعُدت لـ عآلمي !
****
مهمآ المت بنآ الخطوب , يظلّ هنآك ثمة ضوء يتسلل من الأعماق فـ يضيء الروح !
صحوت اليوم وكأنني وُلدت من جديد ,
رتبت سريري , ايقظت اخوتي ومضيت لأحضّر لهم طعام الأفطار
قهوة ابي التي يفضّلهآ مرّه كـ مرارة ايآمه , غيّرتها الى حلوه
تفاؤلاً بأيامٍ أجمل
ابني .. تغيّرت ملامحه قليلاً .. ضممته الى صدري حتى كآد ان يموت !
كل هذا ونظرآت الذهول تحيط بي
بأختصآر
قررت ان اعيش حيآتي لهم
ان امنحهم الحب لأعيشه معهم وبهم
ان امهّد لهم طريق السعآده , لأسلكه معهم
لو أن الأموات يعودون بالبكآء
لبكيتهم حتى آخر يومٍ في عمري !
ولكن الأحياء من حولنآ
هم الأحق بحبنآ وابتسآمتنا !
تمت